بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث لعموم الثقلين، سيدنا محمّدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين.
أمّا بعد:
فإن خيرَ ما يُعملُ به، ويحق له العناية هو الفقه الإسلامي، الذي من خلاله تتعبّد الطريق لسلوك الحياة الصحيح، إذ هو مناط الحياة، وسُلّم الوصول إلى بوابة الآخرة، ليكون متتبعها من الذين تفتّح لهم الأبواب الثمانية، فيدخلونها دخول الكرام لينالوا مرتبة قوله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ}.
إذ بالفقه تتفتّق الأذهان الخاملة، وبالنظر إليه تتفتّح أشرعة العقل لتتلقّى وتحلل، لأنهم المبشرون من الأخيار المصطفين في الدنيا، لهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّههُ في الدِّينِ".
وانطلاقًا من قوله - صلى الله عليه وسلم -، كان الدين الإسلامي الحنيف، يتجدد بتجدد الأزمان، ولا يتجدد إلَّا بتجدّد الوقائع الطارئة من المعاملات الحياتية.
ومن هنا: كان لا بد لنا من السعي الحثيث لتتبع آثار السلف الصالح، وما صنّفوه لنا من مسائل حدثت في عصرهم الذي ذهب بذهابهم، لكن بقي خالدًا بما سطروه لنا من مسائل فقهية يحتاج إليها السائل عنها في كلّ زمانٍ، من حين خرجت فتاواهم إلى يومنا حيث تجلس تحت المجهر للتحليل