وأمّا عند الحنفية فلما كان الإيمان اسمًا للاعتقاد والقول، وكان العمل خارجًا عن مسمّى الإيمان، لم يلزم حصول الشّك في العمل حصول الشّك في الإيمان، فثبت: أنّ من كان قوله: أنّ الإيمان عبارة عن مجموع الأمور الثلاثة يلزم وقوع الشّك في الإيمان.
ومن قال: العمل خارجٌ عن مسمّى الإيمان يلزمه نفي الشّك عن الإيمان. انتهى بحروفه.
فظهر على هذا: عدم كفاءة الشّافعي لابنة الحنفي. والله أعلم.
ولمّا لم يتعرض المتعرّض لدفع هذا ولا لتأويل الاستثناء في الإيمان كان قوله: وإنّما لا ينبغي العكس من قبيل فساد الوضع.
وقوله: فإنّ الحنفية يستحسنون كذب وجهالة.
أمّا كونه كذاب، فلأنه أخبر عن المنتسبين إلى مذهب أبي حنيفة وهم لم يفعلوا ذلك؛ لأنّه من حيث المجتهد، لا من صنيع الاتباع.
وأمّا كونه جهالة، فإن المسألة في الاتباع فلم يوافق الدليل الدّعوى، ثم قصره على الحنفية جهالة بمذاهب العلماء أيضًا.
وقوله: وعن استحسن فقد شرع. كذب وجهالة، وقدح في أئمة الدين؛ لأنّ الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم قد ذهبوا إلى الاستحسان وحاشاهم أن يشرعوا في الدّين ما لم يأذن به الله.
وبيان ذلك: أن الاستحسان كما قال الكرخي: قطع المسألة عن نظائرها، لما هو أقوى. وذلك الأقوى هو دليل يقابل القياس الجلي الذي يسبق إليه أفهام المجتهدين نصًا كان أو إجماعًا أو قياسًا خفيًّا، وهذا مما ذهب إليه جميع الأئمة