فأجاب - رحمهُ الله تعالى -:
لا يكون أخذ الأولياء الدية وقبولها عفوًا عن القاتل؛ لأنّه لم يُعلم، والقصاص لم يثبت، وليس الآية الشريفة شاملة لما ذكر؛ لأنّ علماء الأمّة اختلفوا فيها على أقوالٍ: ليس هذا منها. وإذا علمَ القاتل بإقراره أو بالإخبار عنه، ولا تسمع للأولياء عليه دعوى؛ لأنّ الأولياء لما ادّعوا على أهل المحفة واختاروا من يحلف وحلفوا إلخ. فقد أبرؤوا غير أهل المحلّة عن القتل ونفوه عنه، فلا تسمع لهم دعوى على غيرهم بعد ذلك أصلاً.
وقد أشار علماؤنا إلى ذلك بتعليل عكسه. فقالوا: إذا ادّعى الولي القتل على رجلٍ من غير أهل المحلّة يكون إبراء لهم عن القسامة والدّية؛ لأنه نفى القتل عنهم بدعواه على غيرهم. وإذا لم يسمع لهم دعوى لم يظهر القتيل عند الحكم من غير أهل المحلّة، لم يسمع لأهل المحلّة بدعوى على أولياء القتيل، ولا يسمع لهم وحدهم دعوى على القاتل، كما صرّح به في البدائع وشرح الطّحاوي وغيرهما. وحينئذٍ لا يتوجه شيءٌ بما ذكر. والله أعلم.
وكتبَ حنفي:
الحمدُ للهِ المنعمِ بالصّوابِ.
لا يكون ما ذكر من أخذ الأولياء للمقتول الدية، ممن ذكر عفوًا عن القصاص في حقّ القاتل، حيث لم يجب شرعاً في مثل هذه الصورة المفروضة قودٌ حتى يكون قبولهم الدية عفواً عن القصاص.
وقول العلماء: العفو قبول الدية في قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] إلخ.