ولأبي يوسف في الخلافية: أنّ القضاء في حق المقضي له فتوى؛ لأنّه لا إلزام عليه؛ لأنه مخبر فيه إن شاء راجعَ وإن شاء لم يراجع. وبالفتوى: لا يصير الحرام حلالاً. والبائن رجعيًّا كما لو شهد شاهدان على رجلٍ أنه قتل ولي هذا عمد وقضى القاضي له عليه بالقَوَد. والولي يعرف أن الشّهود شهود زورٍ لا يحلّ له أن يقتله. فكذا هذا.
ولهما: أنّ القضاء إلزامٌ في حقّ المقضي له من حيث الاعتقاد؛ لأنَّه التزم اعتقاد ثبوت الحلّ والرّجعة فيصير مقضيًّا عليه في حق الاعتقاد إن لم يكن مقضيًّا عليه في حق الاستيفاء.
ولهذا: لو كان جاهلاً ينفذ. فكذا إذا كان عالماً؛ لأن القضاء يلزم في حقّ النّاس كافّةً بخلاف الفتوى؛ لأنّه ليس بملزمٍ لا من حيث الاعتقاد ولا من حيث الاستيفاء. انتهى.
قال في الهادي: أمّا قضاء القاضي فقد اتفقوا على جوازه، ولم يقل أحدٌ أنه لا يجوز إلاّ في روايةٍ عن أبي يوسف أنّه قال: إذا كان الحالف فقيهاً حنفيأً يعتقد وقوع الطلاق، لا يجوز له أن يدعي رأي نفسه برأي القاضي فيما اعتقد حراماً، لكن حاصل المذهب عن أبي حنيفة ومحمّد: يجوز له أن يدّعي رأي نفسه برأي القاضي؛ لأن القاضي إنما يكون نائباً عن الحق أو الخلق. فإن كان نائبًا عن الحق، صار حكمه كالنَّص. وإن كان نائباً عن الخلق صار كأن الخلق كلهم أجمعوا على هذا، فيدّعي رأي نفسه لهذا. انتهى.
إذا قال: كل امرأةٍ تدخل في نكاحي. أو قال: تصير حلالاً لي.