قلت: لم يذكر. وإنَّما ذكر لبيان سبب بعض الحكم ومحلّه. فاللائق الحمل على هذا.
ولهذا: قال الإمام الخصّاف: قالوا: سعى للقاضي أن ينفذ قضايا القضاة التي ترفع إليه، ويحكم بها، إلَّا أن تكون القضية جوازاً أو يكون على خلاف الكتاب أو السنة أو خلاف إجماع الأمة، فإن كان هذا فلا ينفذها، ولا يحكم بها، وكذلك إن كان القاضي الذي قضى بهذه القضية فاسقاً في نفسه أو محدوداً في قذفٍ أو من لا يجوز شهادته لو شهد. فإنّ قضية هذا إذا رفعت إلى هذا القاضي لا ينبغي له أن ينفذها ولا يحكم بها.
وقال في آخر الباب: وكل ما قضى به قاضٍ مما يخالف فيه الكتاب والسنة فرفع إلى قاضٍ آخر يرى خلاف ذلك، فإنه ينفذه ويحكم به، وإن كان خلاف الكتاب والسنة أبطله. ليس ينفذ قضاء قاضٍ خالف الكتاب والسنة بحديثٍ شاذ أو خاصٍّ حتى يأتي به العامة، فإذا كان معروفاً في أيدي العامة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو ناسخٌ يقول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]. وإن يرى بعده شيء. فالتنزيل ناسخٌ. فالآخر من هذين الأمرين ناسخٌ للأول. انتهى.
فاستفدنا منه: أنّ ما فيه معارضٌ ظاهر رجَحانه. فالمرجوح ينقض. وإليه أشار أبو العباس بن إدريس في سبب النقض فقال: أو يكون ثم معارضٌ مرجوح في حديث مضطرب الإسناد ونحوه، فإنه لا يفند به، وينقض ذلك الحكم لوقوعه على خلاف العارض الراجح. انتهى.
قلت: وقوله: وكذلك إذا كان القاضي فاسقاً، هو اختياره واختيار الطحاوي أيضاً؛ لأنّ عندهما: الفاسق لا يصير قاضياً، فَلاَ ينفذ قضاؤه، وعامّة