أن يقضي. وأجمعوا على أنه إذا طعن الخصم في الشهود بأن جرحهم ليس له أن يقضي ما لم يسأل عنهم.

واختلف المشايخ:

منهم من قال: بأنّ هذا الاختلاف تفسير وزمانٌ، لا خلاف حجة وبرهان؛ وإن أبا حنيفة إنما قال ذلك في أوّل زمانه؛ وإن تعديل أهل زمانه إنما ثبت من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كان في القرن الثالث. وقد أفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - على القرن الثالث بالخيرية. فإنه قال: "خَيْرُ الْقُرُونِ الَّذِي أَناَ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونهمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونهمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ" (?). الحديث.

ومتى ثبت تعديل أهل زمانه من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - استغنى القاضي عن تعديل المزكي، وأبو يوسف ومحمد إنّما قالا ذلك في أهل زمانهما؛ وإن تعديل أهل زمانهما لم يثبت من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاحتاج القاضي إلى تعديل المزكي. إِلاَّ أن هذا غير سديد.

والاعتراض عليه: أن في زمن أبي حنيفة إنما كان للقاضي أن يقضي بظاهر العدالة ما لم يطعن الخصم فيهم، فإذا طعن لم يكن له أن يقضي، وإن لم يطعن الخصم فيهم فيما لا يثبت مع الشبهات وهو الحدود والقصاص. ولو كان المعنى هذا، فإذا عدّلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له أن يقضي، وإن طعن الخصم فيهم، وفيما ثبت مع الشبهات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015