حق من حق، ولهذا قال تعالى:
{أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالُها}. [سورة محمد 24]
ثم قال: {ولو كان من عند غير الله} أي لوكان مفتعلًا مختلقاً كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم لوجدوا فيه اختلافاً أي اضطراباً وتضاداً كثيراً، أي وهذا سالم من الاختلاف فهو من عند الله، كما قال تعالى عن الراسخين في العلم حيث قالوا: {آمنا به كل من عند ربنا} أي مُحكَمِه (?) ومتشابهه (?) حق، فلهذا ردوا المتشابه إلى المحكم فاهتدوا، والذين في قلوبهم زيغ ردوا المحكم إلى المتشابه فغووا، ولهذا مدح الله تعالى الراسخين، وذم الزائغين. [انظر ابن كثير ج 1/ 529]
3 - وقال الشاطبي وإذا ثبت أن القرآن في نفسه لا اختلاف فيه، صح أن يكون حكماً بين جميع المختلفين، لأنه إنما يقرر معنى هو الحق، والحق لا يختلف في نفسه، فكل اختلاف صدر من المكلفين فالقرآن هو المهيمن عليه، قال الله تعالى:
{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]
فهذا دليل على أن الحق فيه واضح، وأن البيان فيه شاف، ولا شيء بعده يقوم
مقامه، وهكذا فعل الصحابة. [انظر الاعتصام ج 2/ 309]