وأما تعريف العرف في الاصطلاح؛ فاختلفت فيه أقوال الفقهاء، ومنها قول بعضهم: (هو كل قول وفعل وترك اعتاد عليه الناس) ، وهذا هو مقتضى صنيع ابن رجب -رحمه الله- في: "القواعد"، وأشار إليه القرافي -رحمه الله- في "الأحكام".
ومن ثم يبين أن هناك فرقا بين العادة -وسبقت-، وبين العرف؛ إذ بينهما عمومٌ وخصوصٌ مطلق، ووجه خصوص العرف أنه يتعلق بما اعتاده جمهور الناس، ووجه عموم العادة أنه يتعلق بما اعتاده الإنسان مع نفسه، وما اعتاده الجمهور من الناس، وما كان من حركات طبيعية عند جنس بني آدم.
وليُعلَمْ أن العرف يؤخذ به في أمرين:
الأول: إذا جاء حكمٌ من الشرع، أو اسمٌ عُلِّق به حكم شرعي، ولم يُحَدّ، لا في الشرع، ولا في اللغة؛ فإنه يُرْجَع حينئذ إلى العرف ويكون مُحَكَّما، وهو ما يشير إليه الفقهاء بقولهم: (العرف مُحَكَّمٌ) .
ومثاله: الإسراف والتبذير، فلم يرد حد في ذلك لا في الشرع، ولا في اللغة، وتختلف أعراف الناس من حيث بلدانهم وأماكنهم، فَيُرجع فيه إلى عرف كل ذي بلد، كلٌّ بحسبه، فما عُدَّ إسرافا عند جمهور بلد معين كان كذلك، وهكذا.
والثاني: أنه قيدٌ -يعني العرف- للمعاملات التي تقع بين الناس من بيع وشراء وعقد نكاح ونحو ذلك.