انطباق تلك القسمة الثلاثية للأشياء على الصلاة هو أن الصلاة من حيث أداؤها مقصدٌ، والمشي إليها: وسيلة، والرجوع بعدها إلى المكان الذي جاء منه المصلي، متمِّم، فالمقصد في هذا المثال هو الصلاة، وذلك لأن الله- تعالى- أمر بأدائها وإقامتها، وهذا أمر مجمع عليه، كما في قوله سبحانه: (أقم الصلاة) ، وقوله: (وأقيموا الصلاة) .
وقد حكى الإجماع غير واحد، كابن المنذر في: "الأوسط"، وابن هبيرة في: "الإفصاح"، وغيرهما.
والوسيلة في هذا المثال هي المشي إلى الصلاة، إذ إن القدمين آلة المشي والسير، واستعمالها راجع إلى الماشي، فعندما يقصد الصلاة ويستعمل هذه الآلة في الوصول إلى مقصده يُسمى المشي: وسيلة.
والمتممة في هذا المثال هو الرجوع إلى المحل الذي جاء منه المصلي، وإنما سمي متمما؛ لأن أصل عمل الصلاة انتهى بالوسيلة والمقصد، ولكن تمام صورة الذهاب إلى الصلاة وعملها لم تنتهِ إلا برجوع المكلَّف إلى المحل الذي خرج منه؛ لأنه حينئذ تمم عملا ذهب إليه واشتغل به.
وليُعلم أن القاعدة المشار إليها في كلام الناظم -رحمه الله- هي ما يطلق عليها الفقهاء: (للوسائل حكم المقاصد، وللزوائد حكم المقاصد) .