جمهور الأصحاب) ، واختار الموفق وجماعة أنه يعمل بالقرعة بينهن، إذ القرعة حينئذ بمنزلة الْمُخْبِر والشاهد.
وأما اللحوم؛ فاستدل بالدليل العقلي السابق عند القائلين بأن الأصل المنع في الأشياء، ولكن الذي عليه الأكثر والجمهور هو أن الأصل في اللحوم: الحل حتى يجيء المنع.
واستدلوا على ذلك بالأدلة السابقة، إذ إن جنس ذوات اللحوم: من الأعيان الموجودة على الأرض، فهي داخلة في الإباحة، ويدل عليه قوله سبحانه: (وقد فصَّل لكم ما حَرَّم عليكم) ، وفصَّل بمعنى بَيَّن، قاله شيخ الإسلام, وهذا فيه دلالة على أن الأصل الحل حتى يجيء المنع, إذ إن الله ذكر المحرمات وأبقى غيرها على الحل, وبهذا جزم شيخ الإسلام في: "مجموع الفتاوي"، وانتصر له الشوكاني في: "إرشاد الفحول"، فإن كان المقصود عدم حلِّ اللحوم إلا بعد ذكاتها بطريقة شرعية -على ما هو مفصَّل في كتب الفروع- كان ذلك كذلك، وعليه الأكثر، وظاهر عبارة الموفق في "المغني": اتفاق الأئمة عليه، وهو مقصود شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في محالَّ من كتبه. وأدلة ذلك كثيرة من الكتاب والسنة والأثر.
وأما النفس والمال للمعصوم؛ فالأصل فيها حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعاً: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه