نشأت القواعد الفقهية مع الفقه، لتعلق كلٍّ منهما بالآخر، وكان الصدر الأول ينطقون ببعض تلك القواعد، فقد روى الإمام عبد الرزاق في: "مصنفه" بسنده إلى عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- أنه قال: (كل شيء في القرآن (أو، أو) ؛ فهو مخيّر، وكل شيء (فإن لم تجدوا) فهو الأول فالأول". إلى غير ذلك من الأمثلة.
ولكن القواعد الفقهية لم يُبْدَأ في حصرها، وتقنين علمها؛ إلا بعد استقرار المذاهب الفقهية المُتَّبَعَة، وظهور التقليد وتفشِّيه. وقد ألمح إلى ذلك ابن خلدون- رحمه الله تعالى- في: "مقدمته" حيث قال: (ولما صار مذهب كل إمام عِلماً مخصوصاً عند أهل مذهبه، ولم يكن لهم سبيل إلى الاجتهاد والقياس، فاحتاجوا إلى تنظير المسائل في الإلحاق، وتفريقها عند الاشتباه، بعد الاستناد إلى الأصول المقررة من مذاهب إمامهم) انتهى المراد.
فكانت أولى محاولات الحصر لقواعد مذهب فقهي؛ هي ما حكاه الإمام العلائي- رحمه الله تعالى- في كتابه: "المجموع المذهب، في قواعد المذهب" حيث ذكر أن الإمام أبا طاهر بن محمد بن الدباس الحنفي الضرير، أحد فقهاء القرن