وهو يأخذ المسائل التي وضعها الناس وأجابوا فيها على أصولهم فيجيب فيها بما نص عليه أحمد وأصحابه وبما تقتضيه أصوله عنده. فربما حصل في بعض المسائل التي تتفرع وتتشعب ذهول للمفرع في بعض فروعها عن رعاية الأصول والنصوص في نحو ذلك.

وعلى هذا فإذا حصل من الضرر - كالبرد الشديد والغرق والهواء المؤذي والجراد والجليد والفأر ونحو ذلك - ما نقص المنفعة المقصودة المعتادة المستحقة بالعقد، فيصنع في ذلك كما يصنع في أرش المبيع المعيب: تنظر قيمة الأرض بدون تلك الآفة وقيمتها مع تلك الآفة، وينسب النقص إلى القيمة الكاملة ويحط من الأجرة المسماة بقدر النقص، كأن تكون أجرتها مع السلامة تساوي ألفاً ومع الآفة تساوى ثمانمائة، فالآفة قد نقصت خمس القيمة فيحط خمس الأجرة المسماة، وكذلك في جائحة الثمر ينظر كم نقصته الجائحة، هل نقصته ثلث قيمته، أو ربعها، أو خمسها؟ يحط عنه من الثمن بقدره. وكذلك لو تغير الثمر وعاب نظر كم نقصه ذلك العيب من قيمته؟ وحط من الثمن بنسبته.

وأما ما قد يتوهمه بعض الناس أن جائحة الزرع في الأرض المستأجرة توضع من رب الأرض أو يوضع من رب الأرض بعض الزرع قياساً على جائحة المبيع في الثمر والزرع - فهذا غلط. فإن المشتري للثمر والزرع ملك بالعقد نفس الثمر والزرع. فإذا تلفت قبل التمكن من القبض تلفت من ملك البائع. وأما المستأجر فإنما استحق بالعقد الانتفاع بالأرض. وأما الزرع نفسه فهو ملكه الحادث على ملكه لم يملكه بعقد الإجارة، وإنما ملك بعقد الإجارة المنفعة التي تنبته إلى حين كمال صلاحه.

فيجب الفرق بين جائحة الزرع والثمر المشترى وبين الجائحة في منفعة الأرض المستأجرة المزروعة. فإن هذا مزلة أقدام ومضلة أفهام، غلط فيها خلائق من الحكام والمقومين والمجيحين والملاك والمستأجرين، حتى أن بعضهم يظنون أن جائحة الإجارة للأرض المزروعة بمنزلة جائحة الزرع المشترى. وبعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015