واقتياده للفرس المستأجرة وذلك طريق إلى الانتفاع بالركوب لا أنه المعقود عليه وإن كان داخلاً فيه، وكذلك شد الأحمال وعقد الحبال ونحو ذلك هو طريق إلى الانتفاع بالحمل على الدابة وهو داخل في المعقود عليه بطريق التبع، وإلا فالمعقود عليه المقصود هو نفس حمل الدابة للحمل والركوب وإن كان الحمل نفع الدابة والإسراج والشد فعل المستأجر فكذلك هنا الشق والبذر، وإن كان فعله فهو داخل في الإجارة بطريق التبع لأنه طريق إلى النفع المعقود عليه المقصود بالعقد وهو نفع الأرض بما يخلقه فيها من ماء وهواء وشمس.

فمن ظن أن مجرد فعله هو المعقود عليه فقد غلط غلطاً بيناً باليقين الذي لا شبهة فيه وسبب غلطه كون فعله أمراً محسوساً لحركته وكون نفع الأرض أمراً معقولاً لعدم حركتها فالذهن لما أدرك الحركة المحسوسة توهم أنها هي المعقود عليه وهذا غلط منقوض بسائر صور الإجارة فإن المعقود عليه هو نفع الأعيان المؤجرة سواء كانت جامدة كالأرض والدار والثياب أو متحركة كالأتاسي والدواب، لا عمل الشخص المستأجر وإنما عمل الشخص المستأجر طريق إلى استيفاء المنفعة، فتارة يقترن به الاستيفاء كالركوب واللبس وتارة يتأخر عنه الاستيفاء كالبناء والغراس والزرع. فإن المعقود عليه حصول منفعة الأرض للبناء والغراس والزرع لا مجرد عمل الباني الغارس الزارع الذي هو حق نفسه، كيف يكون حق نفسه هو الذي بذل الأجرة في مقابلته؟ وإنما يبذل الأجرة فيما يصل إليه من منفعة العين المؤجرة لا فيما هو له من عمل نفسه فإن شراء حقه بحقه محال ومن تصور هذه قطع بما ذكرناه ولم يبق عنده فيه شبهة إن شاء الله.

وإذا كان المعقود عليه نفس منفعة العين من أول المدة إلى آخرها فأي وقت نقصت فيه هذه المنفعة بنقص ما وانقطاعه أو بزيادته وتغريقه أو حدوث جراد أو برد أو حر أو ثلج ونحو ذلك مما يكون خارجاً عن العادة ومانعاً من المنفعة المعتادة فإن ذلك يمنع المنفعة المستحقة المعقود عليها، فيجب أن يملك الفسخ أو يسقط من الأجرة بقدر ما فات من المنفعة كانقطاع الماء وليس بين انقطاع الماء وزيادته وسائر الموانع فرق يصلح لافتراق الحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015