القطع جاز إذا لم يكن فيه فساد يحظره الشرع، فإن المسلمين عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً وحرم حلالاً، وإن أطلقا فالعرف تأخير الجداد والحصاد إلى كمال الصلاح.

وأما استدلالهم بأن القبض هو التخلية فالقبض مرجعه إلى عرف الناس، حيث لم يكن له حد في اللغة ولا في الشرع. وقبض ثمر الشجر لا بد فيه من الخدمة والتخلية المستمرة إلى كمال الصلاح، بخلاف قبض مجرد الأصول، وتخلية كل شيء بحسبه، ودليل ذلك المنافع في العين المؤجرة.

وأما استدلالهم بجواز التصرف فيه بالبيع، فعن أحمد في هذه المسألة روايتان: (أحدهما) لا يجوز بيعه ما دام مضموناً على البائع لأن بيع ما لم يقبض فلا يجوز وعلى هذا يمنع الحكم في الأصل (والرواية الثانية) يجوز التصرف، وعلى هذه الرواية فذلك بمنزلة منافع الإجارة بأنها لو تلفت قبل الاستيفاء كانت من ضمان المؤجر بالاتفاق، ومع هذا فيجوز التصرف فيها قبل القبض، وذلك لأنه في الموضعين حصل الإقباض الممكن فجاز التصرف باعتبار التمكن، ولم يدخل في الضمان لانتفاء كماله وتمامه الذي به يقدر المشتري والمستأجر على الاستيفاء، وعلى هذا فعندنا لا ملازمة بين جواز التصرف والضمان، بل يجوز التصرف بلا ضمان كما هنا، وقد يحصل الضمان بلا جواز تصرف كما في المقبوض قبضاً فاسداً، كما لو اشترى قفيزاً من صبرة فقبض الصبرة كلها، وكما في الصبرة قبل نقلها على إحدى الروايتين. اختارها الخرقي. وقد يحصلان جميعاً وقد لا يحصلان جميعاً.

ولنا في جواز إيجار العين المؤجرة بأكثر من أجرتها روايتان، لما في ذلك من ربح ما لم يضمن، ورواية ثالثة: إن زاد فيها عمارة جازت زيادة الأجرة فتكون الزيادة في مقابلة الزيادة. فالروايتان في بيع الثمار المشتراة نظير الروايتين في إيجار العين المؤجرة، ولو قيل في الثمار إنما يمنع من الزيادة على الثمن كرواية المنع في الإجارة لتوجه ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015