لكن الله قادر على أن يخرق من هنا إلى هناك بحبل، ولكن لا يكون في حقه إدلاء فلا يكون في حقه هبوطاً عليه، كما لو خرق بحبل من القطب أو من مشرق الشمس إلى مغربها، وقدرنا أن الحبل مر في وسط الأرض فإن الله قادر على ذلك كله، ولا فرق بالنسبة إليه على هذا التقدير بين أن يخرق من جانب اليمين منا إلى جانب اليسار، أو من جهة أمامنا إلى جهة خلفنا، ومن جهة رؤوسنا إلى جهة أرجلنا إذا مر الحبل بالأرض. فعلى كل تقدير قد خرق بالحبل من جانب المحيط إلى جانبه الآخر مع خرق المركز وتقدير إحاطة قبضته بالسموات والأرض. فالحبل الذي قدر أنه خرق به العالم وصل إليه، ولا يسمى شيء من ذلك بالنسبة إليه لا إدلاء وهبوطاً.
وأما بالنسبة إلينا فإن ما تحت أرجلنا تحت لنا، وما فوق رؤوسنا فوق لنا، وما ندليه من ناحية رؤوسنا إلى ناحية أرجلنا نتخيل أنه هابط (?) فإذا قدر أن أحد أدلى بحبل كان هباطاً على ما هناك، لكن هذا تقدير ممتنع في حقنا.
والمقصود به بيان إحاطة الخالق تعالى كما بين أنه يقبض السموات ويطوي الأرض ونحو ذلك مما فيه بيان إحاطته بالمخلوقات، ولهذا قرأ في تمام هذا الحديث (وهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) .
وهذا كله كلام على تقدير صحته فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل العلم بأنه هبط على علم الله.
وبعض الحلولية والاتحادية يظن أن في هذا الحديث ما يدل على قولهم الباطل وهو أنه حال بذاته في كل مكان، أو أن وجوده وجود الأمكنة ونحو ذلك.
والتحقيق أن الحديث لا يدل على شيء من ذلك إن كان ثابتاً، فإن قوله " لو