فهذا قد بين أن العرش فوق الفردوس الذي هو أوسط الجنة وأعلاها، وأن الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها. والحديث الثاني يوافقه في وصف الدرج المائة، والثالث يوافقه في أن الفردوس أعلاها.
وإذا كان العرش فوقه فلقائل أن يقول: إذا كان كذلك كان في هذا من العلو والارتفاع ما لم يعلم بالهيئة، إذ لا يعلم بالحساب أن بين التاسع والأول كما بين السماء والأرض مائة مرة، بل عندهم أن التاسع ملاصق للثامن. فهذا قد بين أن العرش فوق الفردوس الذي هو أوسط الجنة وأعلاها. وفي حديث أبي ذر المشهور قال: قلت يا رسول الله، أيما أنزل عليك أعظم؟ قال " آية الكرسي " ثم قال يا أبا ذر " ما السموات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة " والحديث له طرق وقد رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه وأحمد في المسند وغيرهما.
وقد استدل من استدل على أن العرش مقبب بالحديث الذي في سنن أبي داود وغيره عن جبير بن مطعم قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: يا رسول الله، جهدت الأنفس وجاع العيال، وهلك المال، فادع الله لنا. فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك. فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه وقال " ويحك، أتدري ما تقول؟ إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه. شأن الله أعظم من ذلك. إن الله على عرشه، وإن عرشه على سماواته، وسماواته فوق أرضه، لهكذا " وقال بأصابعه مثل القبة. وفي لفظ " وإن عرشه فوق سماواته، وسماواته فوق أرضه لهكذا " وقال بأصابعه مثل القبة (?) وهذا الحديث إن دل على