وعلى أصل الهدى والإيمان متميز متبين، قد بين الله بكتابه الحق من الباطل والهدى من الضلال.
قال: فمنا من جهل علمه فقال العجز عن درك الإدراك إدراك. وهذا الكلام مشهور عندهم ونسبته إلى أبي بكر الصديق، فجعله جاهلاً وإن كان هذا اللفظ لم ينقل عن أبي بكر ولا هو مأثور عنه في شيء من النقول المعتمدة، وإنما ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر نحواً من ذلك عن بعض التابعين غير مسمى وإنما يرسل إرسالاً من جهة من يكثر الخطأ في مراسليهم، كما يحكون عن عمر أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إذا تخاطبا كنت كالزنجي بينهما ". وهذا أيضاً كذب باتفاق أهل المعرفة، وإنما الذي في الصحيح عن أبي سعيد الخدري قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر " فقال أن عبداً خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار ذلك العبد ما عند الله " فبكى أبو بكر، فقال: بل نفديك بأنفسنا وأموالنا، أو كما قال، فجعل الناس يقولون: عجباً لهذا الشيخ يبكي إن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبداً خيره الله بين الدنيا والآخرة. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر هو أعلمنا به. وكان أبو بكر هو أعلمهم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقاصده في كلامه. وإن كانوا كلهم مشتركين في فهمه.
وهذا كما في الصحيح أنه قيل لعلي عليه السلام: هل ترك عندكم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً؟ وفي لفظ: هل عهد إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس؟ فقال " لا والذي فلق الحبة وبرا النسمة، إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه، وما في هذه الصحيفة (?) وبهذا ونحو من الأحاديث الصحيحة استدل العلماء على أن ما ذكر عن علي وأهل البيت من أنهم اختصوا بعلم خصهم به النبي صلى الله عليه وسلم دون