ظاهر، وكذلك من قال أن القرآن الذي يقرأه المسلمون غير المقروء الذي يقرأه المسلمون فقد أخطأ.
وإن أراد بالقرآن مصدر قرأ يقرأ قراءةً وقرآناً وقال أردت أن القراءة غير المقروء فلفظ القراءة مجمل، قد يراد بالقراءة القرآن وقد يراد بالقراءة المصدر، فمن جعل القراءة التي هي المصدر غير المقروء كما يجعل التكلم الذي فعله غير الكلام الذي يقوله، وأراد بالغير أنه ليس هو إياه فقد صدق، فإن الكلام الذي يتكلم به الإنسان يتضمن فعلاً كالحركة ويتضمن ما يقترن بالفعل من الحروف والمعاني، ولهذا يجعل القول قسيماً للفعل تارةً وقسماً منه أخرى، فالأول كما يقول: الإيمان قول وعمل، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تجاوز لا متى ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل به " ومنه قوله تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " ومنه قوله تعالى: " وما تكون في شأن وما نتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل " وأمثال ذلك فيما يفرق بين القول والعمل، وأما دخول القول في العمل ففي مثل قوله تعالى: " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " وقد فسروه بقول لا إله إلا الله، ولما سئل صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: " الإيمان بالله " مع قوله " الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " ونظائر ذلك متعددة.
وقد تتوزع فيمن حلف لا يعمل عملاً إذا قال قولاً كالقراءة ونحوها هل يحنث؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره بناءً على هذا.
فهذه الألفاظ التي فيها إجمال واشتباه إذا فصلت معانيها وإلا وقع فيها نزاع واضطراب والله سبحانه وتعالى أعلم.
تم الكتاب المجموع ولله الحمد