وسبعون (?) شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان " فعلم أن الإيمان يقبل التبعيض والتجزئة، وإن قليله يخرج به صاحبه من النار إن دخلها، وليس كما يقوله الخارجون عن مقالة أهل السنة أنه لا يقبل التبعيض والتجزئة بل هو شيء واحد إما أن يحصل كله وإما أن لا يحصل منه شيء.

واعلم أن عامة السور المكية التي أنزلها الله بمكة هي في هذا الإيمان العام المشترك بين الأنبياء جميعهم، وهذا القدر المشترك هو في بعض الملل أعظم قدراً ووصفاً، فإن ما جاء به محمد من صفات الله وأسمائه وذكر اليوم الآخر أكمل مما جاء به سائر الأنبياء ومنه ما تختلف الشرائع والمناهج كالقبلة والنسك ومقادير العبادات وأوقاتها وصفاتها والسنن والأحكام وغير ذلك، فمسمى الإيمان والدين في أول الإسلام ليس هو مسماه في آخر زمان النبوة، بل مسماه في الآخر أكمل من مسماه في أول البعثة وأوسطها، كما قال تعالى في آخر الأمر: " اليوم أكملت لكم دينكم " وقال بعدها: " ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله " ولهذا قال الإمام أحمد: كان الإيمان في أول الإسلام ناقصاً فجعل يتم، وهكذا مسمى الإيمان والدين قد يتنوع بحسب الأشخاص، وبحسب أمر الله كلاً منهم، وبحسب ما يفعله مما أمر به، وبحسب إقباله وحضوره وإخلاصه، فإن المؤمنين من الأولين والآخرين مشتركون في الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح ولكن بينهم تفاوت ما في القلوب إذا ذكر الله وما في اليوم الآخر ما تفاوت به الإيمان، فعند ذكر الجنة والنجاة من النار وذم من ترك بعضه ونحو ذلك يزداد الإيمان الواجب لقوله: " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا " الآية. وقوله: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً " الآيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015