المقام الأول أن من سافر مثل سفر أهل مكة إلى عرفات يقصر وأما إذا قيل ليست محدودة بالمسافة بل الاعتبار بما هو سفر فمن سافر ما يسمى سفراً قصر وإلا فلا.
وقد يركب الرجل فرسخاً يخرج به لكشف أمر وتكون المسافة أميالاً ويرجع في ساعة أو ساعتين ولا يسمى مسافراً وقد يكون غيره في مثل تلك المسافة بأن يسير على الإبل والأقدام سيراً لا يرجع فيه ذلك اليوم إلى مكانه، والدليل على ذلك من وجوه: أحدها: أنه قد ثبت بالنقل الصحيح المتفق عليه بين علماء أهل الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان يقصر الصلاة بعرفة ومزدلفة وفي أيام منى وكذلك أبو بكر وعمر بعده وكان يصلي خلفهم أهل مكة ولم يأمروهم بإتمام الصلاة ولا نقل أحد لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهل مكة لما صلى بالمسلمين ببطن عرنة الظهر ركعتين قصراً وجمعاً، ثم العصر ركعتين: " يا أهل مكة أتموا صلاتكم " ولا أمرهم بتأخير صلاة العصر ولا نقل أحد أن أحداً من الحجيج لا أهل مكة ولا غيرهم صلى الله عليه وسلم خلاف ما صلى بجمهور ما صلى بجمهور المسلمين أو نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر قال بهذا اليوم: " يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر " فقد غلط، وإنما نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في جوف مكة لأهل مكة عام الفتح وقد ثبت أن عمر بن الخطاب (?) لأهل مكة لما صلى في جوف مكة ومن