قال: ثمانية وأربعون ميلاً، وقيل: ستة وأربعون، وقيل: خمسة وأربعون، وقيل أربعون، وهذه أقوال عن مالك، وقد قال أبو محمد المقدسي: لا أعلم لما ذهب إليه الأئمة وجهاً. وهو كما قال رحمه الله فإن التحديد بذلك ليس ثابتاً بنص ولا إجماع ولا قياس وعامة هؤلاء يفرقون بين السفر الطويل والقصير ويجعلون ذلك حداً للسفر الطويل ومنهم من لا يسمي سفراً إلا ما بلغ هذا الحد وما دون ذلك لا يسميه سفراً فالذين قالوا: ثلاثة أيام احتجوا بقوله: " يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن " وقد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: " لا تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم " وقد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: " مسيرة يومين " وثبت في الصحيح: " مسيرة يوم " وفي السنن: " بريداً " فدل على أن ذلك كله سفر وإذنه له في المسح ثلاثة أيام إنما هو تجويز لمن سافر ذلك وهو لا يقتضي أن ذلك أقل السفر، كما أذن للمقيم أن يمسح يوماً وليلة وهو لا يقتضي أن ذلك أقل الإقامة، والذين قالوا: يومين اعتمدوا على قول ابن عمر وابن عباس والخلاف في ذلك مشهور عن الصحابة حتى ابن عمر وابن عباس وما روي " يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان " إنما هو من قول ابن عباس ورواية ابن خزيمة وغيره له مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم باطل بلا شك عند أئمة أهل الحديث وكيف يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة بالتحديد وإنما أقام بعد الهجرة زمناً يسيراً وهو بالمدينة لا يحد لأهلها حداً كما حده لأهل مكة وما بال التحديد يكون لأهل مكة دون غيرهم من المسلمين.

وأيضاً فالتحديد بالأميال والفراسخ يحتاج إلى معرفة مقدار مساحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015