فهذه النصوص وغيرها من نصوص الكتاب والسنة ليس فيها تفريق بين سفر طويل وسفر قصير فمن فرق بين هذا وهذا فقد فرق بين ما جمع الله بينه فرقاً لا أصل له في كتاب الله ولا سنة رسوله؛ وهذا الذي ذكر من تعليق الشارع الحكم بمسمى الاسم المطلق وتفريق بعض الناس بين نوع ونوع من غير دلالة شرعية له نظائر منها أن الشارع علق الطهارة بمسمى الماء في قوله: " فلم تجدوا ماءاً فتيمموا صعيداً طيباً " ولم يفرق بين ماء وماء ولم يجعل الماء نوعين طاهراً وطهوراً.
ومنها أن الشارع علق المسح بمسمى الخف ولم يفرق بين خف وخف فيدخل في ذلك المفتوق والمخروق وغيرهما من غير تحديد ولم يشترط أيضاً أن يثبت بنفسه.
ومن ذلك أنه أثبت الرجعة في مسمى الطلاق بعد الدخول ولم يقسم طلاق المدخول بها إلى طلاق بائن ورجعي.
ومن ذلك أنه أثبت الطلق الثالثة بعد طلقتين وافتداءً والافتداء الفرقة بعوض وجعلها موجبة للبينونة بغير طلاق يحسب من الثلاث. وهذا الحكم معلق بهذا المسمى لم يفرق فيه بين لفظ ولفظ.
ومن ذلك أنه علق الكفارة بمسمى أيمان المسلمين في قوله تعالى: " ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " وقوله: " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " ولم يفرق بين يمين ويمين من أيمان المسلمين، فجعل أيمان المسلمين المنعقدة تنقسم إلى مكفرة وغير مكفرة مخالف لذلك.
ومن ذلك أنه علق التحريم بمسمى الخمر ولبين أن الخمر هي المسكر في قوله صلى الله عليه وسلم: " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام " (?) ولم يفرق بين مسكر ومسكر.
ومن ذلك أنه علق الحكم بمسمى الإقامة كما علقه بمسمى السفر ولم يفرق بين مقيم ومقيم، فجعل المقيم نوعين نوعاً تجب