رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} 1.
فصرح بكفره وقال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} 2 إلى قوله: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 3 فبين أن اتخاذ الملائكة والنبيين أربابا كفر. وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} 4 وقال فيما حكاه عن المسيح: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} 5 وقال: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} 6. فدلت الآية الكريمة على أن أعظم شركهم إنما هو دعاء غير الله، فأخبر أنهم لا يملكون من قطمير، وهو القشر الذي يكون على ظهر النواة، أي ليس لهم من الأمر شيء، وإن قل.
ثم أخبر أنهم لا يسمعون دعاءهم، وأنهم لو سمعوا ما استجابوا لهم، وهذا صريح في دعاء المسألة.
ثم أخبر أن هذا شرك يكفرون به يوم القيامة فقال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} 7 كقوله: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} 8 وكقوله: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} 9.
والله سبحانه قد أرسل رسله، وأنزل كتبه ليعبدوه وحده، ويكون الدين كله له، ونهى أن يشرك به أحد من خلقه، وأخبر أن الرسالة عمت كل أمة، وأن دين الرسل واحد، وهو الأمر بعبادته وحده لا شريك له، وأنه لا يشرك به أحد سواه كما قال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا} الطَّاغُوتَ} 10 وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} 11 وأخبر أنه لا يغفر أن يشرك به، وأن من أشرك فقد حبط عمله وصار من