سألتموهم {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} 1 أي: يتبرءون منكم، ومن دعائكم {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} 2.
وقال –تعالى-: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} 3 وذلك أن المشركين أصابهم قحط شديد حتى أكلوا الكلاب والجيف، فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم، فقال الله عزوجل {قُلِ} 4 للمشركين {ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ} 5 أي: الجوع والقحط {وَلا تَحْوِيلاً} 6 إلى غيركم.
والمقصود من الآية حيث قالوا: ليس لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله، فنحن نعبد هؤلاء المقربين إلى الله، وهم الملائكة، ثم إنهم اتخذوا لذلك الملك الذي عبدوه تمثالا وصورة، واشتغلوا بعبادته، فاحتجَّ على بطلان قولهم بهذه الآية، ثم قال –تعالى-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} 7 يعني: الذين يدعوهم المشركون {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} 8 أي: القربة والدرجة العليا، قال ابن عباس: "هم عيسى وأمه والعزير والملائكة". وقال ابن مسعود: "نزلت هذه الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن، فأسلم أولئك الجن، ولم يعلم الإنس بذلك، فتمسكوا بعبادتهم، فغيَّرهم الله من حال إلى حال، وأنزل هذه الآية". وقوله –تعالى-: {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} 9 معناه: أي ينظرون أيهم أقرب إلى الله فيتوسلون به، وقيل: أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله بالعمل الصالح، وعليه الأكثرون {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} 10 أي: جنته {وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِ} 11 ناره كغيرهم، فإذا كان الملائكة والمسيح والعزير لا يقدرون على كشف الضر وجلب النفع فكيف بغيرهم؟!.
وقال –تعالى-: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ} 12 إن عبدته بشيء من أنواع العبادة {وَلا يَضُرُّكَ} 13 إن تركت عبادته {فَإِنْ فَعَلْتَ} 14 ما نهيتك عنه، فعبدت غيري، أو طلبت النفع، وكشف الضر من غيري {فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} 15 فهذا الخطاب، وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم فالمراد به غيره؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يدعُ من دون الله شيئا ألبتة، فعلى