قومه {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً} 1 وأخبر -سبحانه وتعالى- عن أيوب -عليه السلام- بقوله: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ} 2 أي: دعاه {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} 3 وقال –تعالى-: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 4.
قال الجمهور: هو أمر بالدعاء الذي هو أخص من العبادة لقوله –تعالى-: {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 5 وقيل: إنه أمر بالعبادة التي هي أعم من الدعاء لقوله –تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} 6 فأجيب عن ذلك بأن الدعاء اعتراف بالعبودية والذلة والمسكنة، فما يتركه إلا مستكبر عن إظهار العبودية، ولمَّا عبَّر عن العبادة بالدعاء جعل الإثابة استجابة.
وعن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "الدعاء هو العبادة، ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} 7 أي: صاغرين أخرجه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ لم يسأل الله يغضب عليه" 8 أخرجه الترمذي وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء" 9 أخرجه الترمذي.
استجابة الدعاء الذي كملت شروطه
فإذا استكملت شروط الدعاء حصلت الإجابة قطعا للوعد الحق؛ ولما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "ما من رجل يدعو الله إلا استجاب له، إما أن يعجله له في الدنيا، وإما أن يدخره له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل. قالوا: يا رسول: وكيف يستعجل؟ قال: يقول: دعوت ولم يستجب لي" وقال –تعالى-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} 10.
قال ابن عباس: قال يهود المدينة، يا محمد، كيف يسمع ربنا دعاءنا، وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام، وغلظ