وسنة رسوله، كما قال –تعالى-: {مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} 1 فما حكم به كتاب الله وسنة رسوله فهو الحق {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} 2؛ ولهذا قال –تعالى-: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} 3 أي: ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله، فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، فدلَّ على أن من لم يتحاكم في مجال النزاع إلى الكتاب والسنة، ولم يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمنا بالله واليوم الآخر.

فالرد إلى الكتاب والسنة واجب لصريح الأمر، وتعليق الإيمان عليه وجودا وعدما؛ لأن الوعيد عائد إلى قوله: " فردوه" والشرط جوابه محذوف عند جمهور البصريين، أي: فردوه إلى الله وهو المتقدم عند غيرهم، كما جاء الوعيد في قوله: {لا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} 4 فالوعيد عائد إلى التحكيم، و"لا" أصلية، والمعنى: ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا وهم يخالفون حكمك، ثم استأنف بعد ذلك، فعلى هذا يكون الوقف على "لا" تاما، وقيل: إن "لا" مزيدة لتأكيد معنى القسم، كما زيدت في: {لئلا يعلم} 5.

وقد جاء في الحديث: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".

وسبب نزول هذه الآية ما رواه ابن أبي حاتم عن أبي الأسود قال: "اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب. فقال: نعم. فانطلقا إليه، فقال الرجل: يا ابن الخطاب: قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، فقال: ردنا إلى عمر فردنا إليك. فقال: أكذلك؟ فقال: نعم. فقال عمر: مكانك حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما، فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر، فقتله وأدبر الآخر فارا إلى رسول الله، فقال: يا رسول الله: قتل عمر والله صاحبي، ولو ما أني أعجزته لقتلني. فقال رسول الله: كنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015