عمله؛ فدعوا الله بصالح أعمالهم؛ لأن الأعمال الصالحة هي أعظم ما يتوسل به العبد إلى الله؛ ويتوجه به إليه ويسأل به، وهؤلاء دعوه بعبادته، وفعل ما أمر به من العمل الصالح، وسؤاله والتضرع إليه.

ومن هذا ما يذكر عن الفضيل بن عياض أنه أصابه عسر البول فقال: بحبي إياك إلا فَرَّجْتَ عني، فَفَرَّجَ عنه. وكذلك المرأة المهاجرة التي أحيا الله ابنها لما قالت: اللهم إني آمنت بك وبرسولك وهاجرت في سبيلك، وسألت الله أن يحيي ولدها، وأمثال ذلك.

وهذا كما قال المؤمنون: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} 1 الآيات. من سؤال الله، والتوسل إليه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

حديث أبي سعيد أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا

وأما قوله في حديث أبي سعيد: "أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا" فهذا الحديث رواه عطية العوفي وفيه ضعف، لكن بتقدير ثبوته هو من هذا الباب، فإن حق السائلين عليه أن يُجِيبهم، وحق المطيعين له أن يثيبهم. فالسؤال له والطاعة سبب لحصول إجابته وإثابته، فهو من التوسل به والتوجه به والتسبب به.

ولو قُدِّرَ أنه قَسَم لكان قَسَمًا بما هو من صفاته؛ فإن إجابته وإثابته من أفعاله وأقواله، فصار هذا كقوله في الحديث الصحيح "أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" 2.

والاستعاذة لا تصح بمخلوق، كما نص عليه الإمام أحمد وغيره من الأئمة، فاستعاذ صلى الله عليه وسلم بعفوه ومُعَافَاتِه من عقوبته، مع أنه لا يُسْتَعَاذ بمخلوق كسؤال الله بإجابته وإثابته، وإن كان لا يسأل المخلوق، ومن قال من العلماء: لا يسأل إلا به لا ينافي السؤال بصفاته، كما أن الحلف لا يشرع إلا بالله، و "من حلف بغير الله فقد أشرك" 3 ومع هذا: فالحلف بعزة الله، ولعمر الله، ونحو ذلك مما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015