إنا لله وإنا إليه راجعون، فما ذاك يا رسول الله؟ قال: أتاني جبريل فقال: إن أمتك مفتتنة بعد قليل من الدهر غير كثير، قلت: فتنة كفر، أم فتنة ضلالة؟ قال: كل سيكون، قلت: وأين يأتيهم ذلك وأنت تارك فيهم كتاب الله؟ قال: بكتاب الله يضلون، وذلك من قبل قرائهم وأمرائهم".

قال محمد بن وضاح: الخير من بعد الأنبياء ينقص، والشر يزداد. وقال: إنما هلكت بنو إسرائيل على يدي قرائهم وفقهائهم وستهلك هذه الأمة على يدي قرائهم وفقهائهم، قال ابن المبارك:

وأحبار سوء ورهبانها

وهل أفسد الدين إلا الملوك

وقد أخبر الله -سبحانه- عن اليهود أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، أي: يتأولون كتاب الله على غير ما أراد الله، وقال: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 1، وأخبر عنهم أنهم {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} 2، ولا بد أن يوجد في هذه الأمة من يتابعهم على ما ذمهم الله به.

والإنسان إذا عرف الحق وضده، لم يبال بمخالفة من خالف كائنا من كان، ولا يكبر في صدره مخالفة عالم ولا عابد، لأن هذا أمر لا بد منه، وما أخوفني على من عاش أن يرى أمورا عظيمة لا منكر لها، والله المستعان.

الاستغاثة بغير الله تعالى شرك

"قلت": والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم صدرت من كثير من المتأخرين ممن يشار إليه بالعلم، وقد صنف رجل يقال له ابن البكري كتابا في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجلد، بين فيه بطلان ما ذهب إليه، وبين أنه من الشرك.

قال الشيخ: وقد طاف- يعني ابن البكري- على علماء مصر فلم يوافقه أحد منهم، وطاف عليهم بجوابي الذي كتبته، وطلب منهم معارضته فلم يعارضه أحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015