وأما ما أفهمه كلام أحمد بن محمد من أنه لا يجوز له الأكل حتى مع الإذن، فالظاهر أنه ليس بصواب، لأن كلام الأصحاب قد دلَّ على جواز الأخذ لمن أوصى إليه بتفرقة شيء، أو وكل إليه فيه إذا أذن له في الأخذ، فكذلك إذا أذن الموصي للوصي في الأخذمن لحم الأضحية، وأي فرق؟
وأما إذا قال الموصي لوصيه في الأضحية: لك جلدها ونحوه على سبيل الوصية له بذلك، أو على طريق العوض، فالظاهر عدم جواز ذلك، وأما إذا قال: أذنت لك في الأكل من لحمها فلا مانع منه، والله أعلم.
العمل بالخط في إثبات الوقف
"وأما المسألة الثالثة": وهي العمل بالخط في إثبات الوقف، وهل ينْزع العقار ونحوه ممن هو في يده؟ بخط قاض معروف ويحكم به بمجرد الخط؟ فالذي يظهر أن هذا مبني على جواز العمل بمجرد الخط في الحكم والشهادة.
ومن المعلوم أن الذي عليه أكثر متقدمي الأصحاب أنه لا يجوز العمل بمجرد الخط، وقد علمتم ما شرطوه في كتاب القاضي إلى القاضي وغير ذلك. والذي عليه عمل المتأخرين جواز العمل بالخط، والكلام الذي نقلتموه مضمونه عدم جواز العمل بالخط. لأنه أخرجه عن كونه بينة، ولا شك أن هذا هو مقتضى قول أكثر المتقدمين.
وأما ما اعتمده كثير من المتأخرين من العمل بالخطف مقتضى قولهم جواز العمل بذلك، والاعتماد عليه
بشرط تحقق الحاكم أنه خط القاضيالمعروف خطه وثقته، فلا يجوزالاعتماد على خط لا يتيقنه ولا يعرف ثقة كاتبه
والله سبحانه وتعالى أعلم