كما في قوله –تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 1، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله" 2.
فقوله: "وكفر بما يعبد من دون الله" 3 الظاهر أن هذا زيادة إيضاح؛ لأن لا إله إلا الله متضمنة للكفر بما يعبد من دون الله، ومن قال: لا إله إلا الله، ومع ذلك يفعل الشرك الأكبر، كدعاء الموتى والغائبين، وسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، والتقرب إليهم بالنذور والذبائح، فهذا مشرك شاء أم أبى، والله لا يغفر أن يشرك به {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} 4.
ومع هذا فهو مشرك، ومن فعله كان كافرا، ولكن على ما قال الشيخ: لا يقال فلان كافر حتى يبين له ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن أصرَّ بعد البيان حكم بكفره وحل دمه وماله، وقال –تعالى-: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} 5 أي: شرك {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} 6. فإذا كان في بلد وثن يعبد من دون الله، قوتلوا لأجل هذا الوثن، أي: لإزالته وهدمه وترك الشرك، حتى يكون الدين كله لله.
والدعاء دين، سماه الله دينا كما في قوله –تعالى-: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} 7 أي: الدعاء، وقال صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالسيف بين يدي الساعة، حتى يعبد الله وحده لا شريك له" 8. فمتى كان شيء من العبادة مصروفا لغير الله، فالسيف مسلول عليه، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.