وقال النَوَوِيُّ -رحمه الله-: قوله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قال: لا إله إلا الله. فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقها، وحسابه على الله عز وجل"1.
قال الخَطَّابِيُّ: "معلوم أن المراد بهذا أهل الأوثان دون أهل الكتاب؛ لأنهم يقولون: لا إله إلا الله. ثم يقاتلون، ولا يرفع عنهم السيف".
وذكر القاضي عِيَاض -رحمه الله- معنى هذا، وزاد عليه وأوضح، فقال: "اختصاص عصمة المال والنفس لمن قال: لا إله إلا الله. تعبيرا عن الإجابة إلى الإيمان، وأن المراد مشركو العرب وأهل الأوثان ومن لا يوحد، وهم كانوا أول من دُعِي إلى الإسلام وقُوتل عليه، فأما غيرهم ممن يقرُّ بالتوحيد فلا يكتفى في عصمته بقوله: لا إله إلا الله. إذ كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده؛ ولذلك جاء في الحديث الآخر: "أني رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة"". هذا كلام القاضي.
"قلت" ولا بد من الإيمان بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الرواية الأخرى لأبي هريرة رضي الله عنه"حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به"انتهى كلام النَوَوِيّ، انتهى من رسالة الشيخ أحمد بن ناصِر الحَنْبَلِيّ المُسَمَّاة "الفَوَاكِهُ العِذَاب، في الرَّدِ على مَنْ لم يُحَكِّمْ السُّنَةَ والكِتَاب".
وقال الحافِظُ ابنُ رَجَبٍ في شرح "الأَرْبَعِين": "ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاء يريد الدخول في الإسلام الشهادتين، ويعصم دمه بذلك، ويجعله مسلما، وقد أنكر على أسامة بن زيد قتله من قال: لا إله إلا الله. واشتد نكيره عليه".
وقال شهابُ الدين أحمد بن حَجَر على شرح "الأربعين النووية" نحو ذلك.
والمقصود أن حكم من قال: لا إله إلا الله. أنها تعصم ماله ودمه، ثم يُطالب بمعناها وحقها، كالكفر بعبادة غير الله، وشهادة رسالة مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وسائر شرائع الإسلام، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك.