الأمور ما يقدر عليه منها، كما قال تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} 1 وقال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} 2 وكما ورد في الصحيحين: أن الناس يوم القيامة يستشفعون بآدم، ثم بنوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى، ثم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي سنن أبي داود "أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنا نستشفع بالله عليك ونستشفع بك على الله فقال: شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع به على أحد من خلقه"فأقره علىقوله: نستشفع بك على الله، وأنكر قوله: نستشفع بالله عليك؛ فالصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يطلبون منه الدعاء، ويستشفعون به في حياته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
"النوع الثاني" سؤال الميت والغائب وغيرهما مما لا يقدر عليه إلا الله مثل سؤال قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، فهذا من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين، لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا فعله أحد من الصحابة، ولا التابعين لهم بإحسان، ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين، وهذا مما يعلم بالاضطرار أنه ليس من دين الإسلام.
فإنه لم يكن أحد منهم إذا نزل به شدة أو عرضت له حاجة يقول: يا سيدي فلان اقض حاجتي أو اكشف شدتي، وأنا في حسبك، وأنا مستشفع بك إلى ربي. كما يقوله بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين، ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولا بغيره من الأنبياء عند قبورهم، ولا إذا أبعدوا عنهم، فإن هذا من الشرك الأكبر الذي كفر الله به المشركين.
فإن المشركين الذين كفرهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم لم يقولوا: إن آلهتهم شاركت الله تعالى في خلق العالم، أو أنها تنزل المطر وتنبت النبات بل