القرآن كلام الله غير مخلوق

وقال محمد بن أسلم الطوسي: القرآن كلام الله غير مخلوق أينما تلي، وحيثما كان لا يتغير، ولا يتبدل، ينقل من المصحف مائة مصحف، وذاك الأول لا يتحول في نفسه، ولا يتغير، وتلقن القرآن ألف نفس، وما في صدرك باق بهيئته، وذاك أن المكتوب والكتابة تعددت، والذي في صدرك واحد، وما في صدور المؤمنين هو عين ما في صدرك، والمتلو واحد، وإن تعدد التالون له، وهو كلام الله ووحيه وتنزيله ليس هو كلامنا أصلا، وتكلمنا به، وتلاوتنا له من أفعالنا، وكذلك كتابتنا له، وأصواتنا به من أعمالنا {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} 1.

فالقرآن المتلو مع قطع النظر عن أعمالنا كلام الله ليس بمخلوق، فإذا سمعه المؤمنون في الآخرة من رب العالمين، فالتلاوة إذ ذاك والمتلو ليسا بمخلوقين.

وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سألت أبي ما تقول في الرجل يقول التلاوة مخلوقة، وألفاظنا بالقرآن مخلوقة، والقرآن كلام الله ليس بمخلوق؟.

وكان أبي يكره أن يتكلم في اللفظ بشيء، أو يقال مخلوق، أو غير مخلوق كلام حسن، وإلا فالملفوظ كلام الله، والتلفظ به فمن كسبنا.

وقال الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتابه مختلف الحديث: نحن نقول في قول الله -تعالى-: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} 2 يعلم ما هم عليه كما إذا وجهت رجلا إلى بلد، وقلت له: احذر التقصير فإني معك، تريد أنه لا يخفى علي تقصيرك، ولا يسوغ لأحد أن يقول: إنه -سبحانه- بكل مكان على الحلول فيه مع قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 3 ومع قوله: {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 4 فكيف يصعد إليه شيء هو معه، وكيف تعرج الملائكة والروح إليه وهي معه؟.

ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم، وما ركبت عليه ذواتهم في معرفة الخالق لعلموا أن الله عز وجل هو العلي الأعلى، وأن الأيدي ترفع بالدعاء إليه، والأمم كلها أعجميها وعربيها تقول: إن الله في السماء ما تركت على فطرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015