آمنا بالله على مراد الله، كما قاله خير القرون الذين هم بالله وصفاته عارفون من الخلفاء الراشدين، والصحابة، والتابعين، ومن على سننهم من أئمة المسلمين.

كما قال أبو المعالي الجويني إمام الحرمين: لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا، بل هم بين مشبه ومعطل، والطريق المخلص منهما طريق القرآن، اقرأ في الإثبات: {الرحمن على العرش استوى} 1 {لَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 2 واقرأ في النفي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 3 {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} 4 ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.

تأويل صفات الله وأفعاله يستلزم ظن السوء به

قال ابن القيم: من ظن أن الله -سبحانه وتعالى- أخبر عن نفسه وصفاته وأفعاله بما ظاهره باطل، وتشبيه وتمثيل، وترك الحقائق المقصودة من كلامه –سبحانه وتعالى-، ورمز إليهم رموزا بعيدة، وأشار إليهم إشارة ملغزة، وصرح بالتشبيه والتمثيل والأمور الباطلة التي لا تجوز عليه، ولا تليق به.

وأراد من خلقه أن يبعثوا أذهانهم وقواهم وأفكارهم في تحريف كلامه عن مواضعه، وتأويله على غير تأويله المفهوم من ظاهره، ويتطلبوا له وجوه الاحتمالات المستكرهة شرعا وعقلا، والتأويلات التي هي بالألغاز والأحاجي أشبه منها بالكشف والبيان، وأحالهم في معرفته، وأسمائه، وصفاته على عقولهم وآرائهم، لا على كتابه، بل أراد منهم أن لا يحملوا كلامه على ما يعرفون من خطابهم ولغتهم، مع قدرته على أن يصرح لهم بالحق الذي ينفي التصريح به، ويريحهم من الألفاظ التي توقعهم في الاعتقاد الباطل، فلم يفعل، بل سلك بهم خلاف طريق الهدي والبيان- فقد ظن به ظن السوء.

فإنه إن قيل: إنه غير قادر على التعبير عن الحق باللفظ الصريح الذي عبر به هو وسلفه فقد ظن العجز بقدرته، وإن قيل: إنه قادر، ولم يبين، وعدل عن البيان والتصريح بالحق إلى ما يوهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015