والتقرب إليه. وأما آية العنكبوت ففيها إثبات علمه سبحانه- لكل مدعو ومعبود من أي شيء كان، ولا يخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة. ففي الأولى: نفي العلم بوجود ما لا وجود له بحال، والآية الثانية: فيها إثبات العلم بوجود ما عبدوه ودعوه مع الله من الآلهة التي لا تضر ولا تنفع. قال ابن جرير -رحمه الله- في الكلام على آية يونس: يقول -تعالى ذكره-: ويعبد هؤلاء المشركون -الذين وصفت صفتهم- الذي لا يضرهم شيئا ولا ينفعهم في الدنيا ولا في الآخرة؛ وذلك هو الآلهة والأصنام التي كانوا يعبدونهم رجاء شفاعتهم عند الله، قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} 1 يقول: أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض؟ وذلك أن الآلهة لا تشفع لهم عند الله في السماوات ولا في الأرض؛ وكان المشركون يزعمون أنها تشفع لهم عند الله، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهم: أتخبرون الله بما لا يشفع في السماوات ولا في الأرض ليشفع لكم فيها؟ وذلك باطل لا يعلم حقيقته وصحته، بل يعلم أن ذلك خلاف ما تقولون؛ وأنها لا تشفع لأحد ولا تنفع ولا تضر. انتهى. وحاصله أن النفي واقع على ما اعتقدوه وظنوه من وجود شفيع يشفع وينفع، ويقرب إلى الله، وذلك الظن والاعتقاد وَهْمٌ وخيالٌ باطلٌ لا وجود له. وبنحو ذلك قال ابن كثير: يقول: ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ظانين أن تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند الله، وأخبر أنها لا تنفع ولا تضر، ولا تملك شيئا، ولا يقع شيء مما يزعمون فيها، ولا يكون هذا أبدا، ولهذا قال تعالى: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي