فإن الكفر يهدم ما قبله لقوله –تعالى -: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} 1، وقوله –تعالى-: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 2، والكفر محبط للحسنات والإيمان بالإجماع؛ فلا يظن هذا. وأما قوله {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} 3، وقوله {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} 4، وقوله–تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 5، فقد فسرته السنة وقيدته وخصته بالموالاة المطلقة العامة. وأصل الموالاة هو الحب والنصرة والصداقة، ودون ذلك مراتب متعددة، ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم، وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وغيره. وإنما أشكل الأمر، وخفيت المعاني، والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولدين الذين لا دراية لهم بهذا الشأن، ولا ممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن، ولهذا قال الحسن رضي الله عنه: من العجمة أتوا. وقال عمرو بن العلاء لعمرو بن عيد لما ناظره في مسألة خلود أهل الكبائر في النار: واحتج ابن عبيد أن هذا وعد، والله لا يخلف وعده، يشير إلى ما في القرآن من الوعيد على بعض الكبائر والذنوب بالنار والخلود، فقال له ابن العلاء: من العجمة أتيت، هذا وعيد لا وعد، وأنشد قول الشاعر:
وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
وقال بعض الأئمة فيما نقل البخاري، أو غيره: إن من سعادة الأعجمي والأعرابي إذا أسلما أن يوفقا لصاحب سنة، وإن من شقاوتهما أن يمتحنا