ما ورد من الآثار النبوية والآثار القرآنية بتحريم ما فعل، والتغليظ على مَن نَصَره، ولم تزل على ذلك إلى أن وقعت وقعة جودة، فَثَلَّ عرش الولاية، وانتثر نظامها، وحبس محمد بن فيصل، وخرج الإمام عبد الله شاردًا، وفارقه أقاربه وأنصاره، وعند وداعه وَصَّيْتُهُ بالاعتصام بالله، وطلبِ النصر منه وحده، وعدم الركون إلى الدولة الخاسرة، ثم قدِم علينا سعود بمن معه من العجمان والدَّوَاسِر وأهل الفرع وأهل الحريق وأهل الأفلاج وأهل الوادي ونحن في قلة وضعف، وليس في بلدنا من يبلغ الأربعين مقاتلا، فخرجتُ إليه وبذلتُ جهدي ودافعتُ عن المسلمين ما استطعت، خشيةَ استباحته البلدة، وممن معه من الأشرار وفُجَّار القُرَّاء مَن يحثه على ذلك ويتفوه بتكفير بعض رؤساء بلدتنا، وبعض الأعراب يطلقه بانتسابهم إلى عبد الله بن فيصل، فوقى الله شر تلك الفتنة ولطف بنا، ودخلها بعد صلح وعقد. وما جرى من المظالم والنكث دون ما كنا نتوقع، وليس الكلام بصدده، وإنما الكلام في بيان ما نراه ونعتقده وصارت له ولاية بالغلبة والقهر تنفذ بها أحكامه، وتجب طاعته في المعروف كما عليه كافة أهل العلم على تقادُم الأعصار ومر الدهور. وما قيل من تكفيره لم يثبت لديَّ فسرتُ على آثار أهل العلم، واقتديت بهم في الطاعة في المعروف وترك الفتنة، وما توجب من الفساد على الدين والدنيا، والله يعلم أني بارٌّ راشدٌ في ذلك. ومن أشكل عليه شيء من ذلك، فليراجع كتب الإجماع كمصنف ابن حزم ومصنف ابن هبيرة، وما ذكره الحنابلة وغيرهم. وما ظننت أن هذا يخفى على مَن له أدنى تحصيل وممارسة، وقد قيل: سلطان ظلوم، خير من فتنة تدوم. وأما الإمام عبد الله فقد نصحت له كما تقدم أشد النصح وبعد