فهذه دسيسةٌ شيطانيةٌ، وقاكَ الله شرَّهَا، وحماك حرَّها، لو سلم تسليما جَدَلِيًّا فابن عربي وابن سبعين وابن الفارض لهم عبادات وصدقات، ونوع تقشف وتزهد، وهم أكفر أهل الأرض أو من أكفر أهل الأرض، وأين أنت من قوله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 2.وأما إِجَازَتُك الاستنصارَ بهم: فالنّزاع في غير هذه المسألة بل في توليتهم، وجلبهم، وتمكينهم من دار إسلامية هدموا بها شعار الإسلام وقواعد الملة وأصول الدين وفروعه، وعند رؤسائهم قانون وطاغوت وضعوه للحكم بين الناس في الدماء والأموال وغيرها مُضادٌ ومخالفٌ للنصوص، إذا وردت قضية نظروا فيه وحكموا به ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم. وأما مسألة الاستنصار بهم فمسألة خلافية، والصحيح الذي عليه المحققون منعُ ذلك مطلقا وحجتهم حديث عائشة، وهو متفق عليه، وحديث عبد الرحمن بن حبيب، وهو حديث صحيح مرفوع اطلبهما تجدهما فيما عندك من النصوص. والقائل بالجواز احتج بمرسل الزهري، وقد عرفت ما في المراسيل إذا عارضت كتابا أو سنة. ثم القائل به قد شرط أن يكون فيه نصح للمسلمين ونفع لهم، وهذه القضية فيها هلاكهم ودمارهم، وشرط أيضا أن لا يكون للمشركين صَوْلَة ودولة يُخْشَى منها، وهذا مبطل لقولك في هذه القضية، واشترط كذلك أن لا يكون له دخل في رأي ولا مشورة بخلاف ما هنا. كل هذا ذكره الفقهاء وشراح الحديث، ونقله في شرح المنتقى، وضعَّف مرسل الزهري جدا، وكل هذا في قتال المشرك