هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} 1 إلى آخر السورة. فانظر إلى ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من لطافة الخطاب، والإرشاد إلى مناهج الهداية والصواب، وما رتب على ذلك من غاية الفوز ومنتهى السعادة، وما فيها من البشارة بكل فلاح ونجاح في العاجل والآجل. فانظر كيف ختم السورة بأمر عباده المؤمنين أن يكونوا أنصارا له، وأن يقتدوا بمن سلف من الصالحين؛ وانظر إلى ما حكم به من إيمان من نصره وقام بما أمر به. وتأمل كُفْر الطائفة المُعْرِضة عن طاعة رسله والجهاد في سبيله؛ وتأمل ما وعد به عباده من النصر والظهور على من خالفهم وخذلهم، وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} 2 إلى قوله: {وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 3، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} 4 الآية. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض " 5، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ مات ولم يَغْزُ ولم يُحَدِّثْ نفسَه بالغزو، مات على شُعْبَة من النفاق " 6. فاغتنموا -رحمكم الله- حضور المشاهد التي يترتب عليها إعلاء كلمة الله، ونصر دينه ورسوله، ومُرَاغَمَة أعدائه، فإن هذه المشاهد من الموجبات للرحمة والمغفرة والسعادة الأبدية، وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وإذا هجم العدو على بلاد الإسلام، صار الجهاد فرض عين، فأجمعوا أمركم على جهاد عدوكم لابتغاء مرضاة ربكم، وأطيعوا ذا أمركم، وأخلصوا النية، وأصلحوا الطوية؛