وأعجب من هذا أن بعض مَنْ يتولى خدمة من حادَّ الله ورسوله، ويُحَسِّنُ أمرهم، ويُرَغِّبُ في ولائهم، ويقدح في أهل الإسلام وربما أشار بحربهم، فإذا قدم بلاد بعض أهل الإسلام تلقاه منافقوها وجهالها بما لا يليق إلا مع خواص الموحدين، فافهم أسباب الشرك ووسائله، ومن كان في قلبه حياة وله رغبة وله غيرة وتوقير لرب الأرباب يأنف ويشمئز مما هو دون ذلك؛ ولكن الأمر كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: إنما تُنْقَضُ عُرَى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية 1. وما جاء في القرآن من النهي والتغليظ والتشديد في موالاتهم وتوليهم دليل على أن أصل الأصول لا استقامة ولا ثبات له إلا بمقاطعة أعداء الله وحربهم وجهادهم والبراءة منهم، والتقرب إلى الله بمقتهم وعيبهم. وقد قال تعالى لما عقد الموالاة بين المؤمنين وأخبر أن الذين كفروا بعضهم أولياء بعض قال {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} 2، وهل الفتنة إلا الشرك، والفساد الكبير هو انتثار عُقَد التوحيد والإسلام، وقَطْعُ ما أحكمه القرآن من الأحكام والنظام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} 3 الآية. قال بعض السلف: ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى