العلماء والمتعلمين، على قبرين يعذبان فشق جريدة ووضعها عليهما وقال: "لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا" 1، ولم يقل: لمروري ومرور أصحابي عليهما يخفف عنهما كما زعمه هذا الجاهل. وكأي من قرية عذبت وأتاها أمر الله بغتة، وأنبياؤهم وعلماؤهم قبل ذلك يدعونهم، وهم ينظرون إلى وجوههم، ويخاطبونهم، ويسمعون كلامهم، فما أغنى عنهم ذلك إِذ لم يؤمنوا بآيات الله وأصابهم من العذاب ما أصابهم، وكان الأولى بهذا الرجل أن لا يخوض فيما لا يدريه، وأن يعطي القوس باريه. (شعر) :
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصبابة إلا من يعانيها
[أقوال الحفاظ في حديث أصحابي كالنجوم]
وأما قوله: إن في الحديث: "أصحابي كالنجوم 2 بأيهم اقتديتم اهتديتم"، فهذا الحديث لم يثبته الحفاظ من أهل العلم بل ذكروا أنه موضوع. قال ابن عبد البر إمام المغرب في وقته، وحامل لواء المالكية في زمانه: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعد أن أبا عبد الله بن مفرج حدثه قال: حدثنا محمد بن أيوب المصموت قال: قال لنا البزار: وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أصحابي كالنجوم "، فهذا الكلام لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن قيم الجوزية بعد أن ذكر طرق هذا الحديث: لا يثبت شيء منه، ثم قال ما معناه: إن الأخذ بعمومه يقتضي أن الاهتداء يحصل بالاقتداء بكل صحابي، ولو تخالفت أقوالهم، وتباينت آراؤهم، وأن الشخص مخير بين الأخذ بالقول وضده، فيخير في مسألة الجد والإخوة بين مذهب أبي بكر ومن خالفه، وفي مسألة جعل الطلاق الثلاث واحدة بين رأي عمر وغيره، وفي مسألة المتوفى عنها زوجها بين الاعتداد بالوضع