الشرك من عبادة القبور من هذه الأمة. ومن ذلك ما ذكره الإمام محدث الشام عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم -المعروف بأبي شامة- من فقهاء الشافعية وقدمائهم في كتابه الذي سماه: "الباعث على إنكار البدع والحوادث" في فصل البدع المستقبحة، قال: البدع المستقبحة تنقسم على قسمين: قسم تعرفه العامة والخاصة أنه بدعة محرمة وإما مكروهة، وقسم يظنه معظمهم – إلا من عصمه الله – عبادات وقربات وطاعات وسننا، فأما القسم الأول فلا نطول بذكره، إذ كفانا مؤنة الكلام منه اعتراف فاعله أنه ليس من الدين. لكن تبين من هذا القسم مما قد وقع فيه جماعة من جهال العوام، النابذين لشريعة الإسلام، التاركين الاقتداء بأئمة الدين من الفقهاء، وهو ما يفعله طوائف من المنتسبين للفقر الذي حقيقته الافتقار عن الإيمان، مؤاخاة النساء الأجانب والخلوة بهن، واعتقادهم في مشايخ لهم ضالين مضلين، يأكلون في نهار رمضان من غير عذر، ويتركون الصلاة، ويخامرون النجاسات غير مكترثين لذلك، فهم داخلون تحت قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} 1؛ ولهذه الآية وأمثالها كان مبادئ ظهور الكفر من عبادة الأصنام وغيرها.

[الافتتان ببعض الأماكن والاعتقاد في بعض الأشياء]

ومن هذا القسم أيضا، ما قد عم الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان، والعمد والسرج مواضع مخصوصة في كل بلد، يحكي حاك أنه رأى في منامه بها أحدا ممن شهر بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله تعالى وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك. ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015