هم الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، وأن أعداء الحق هم الأكثرون في كل مكان وزمان. وفي الأحاديث الصحيحة ما يرشد إلى ذلك كما في الصحيح: أن ورقة بن نوفل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا ليتني كنت فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، قال: أومخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إلا عودي" 1. فإذا كان هذا حال أكثر الخلق مع المرسلين، مع قوة عقولهم وفهومهم وعلومهم، فلا تعجب مما جرى في هذه الأوقات ممن هم مثلهم في عداوة الحق وأهله، والصد عن سبيل الله، مع ما في أهل هذه الأزمان من الرعونات والجهل، وفرط الغلو في الأموات، كما قال تعالى عن أسلافهم وأشباههم: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} 2. فاحتج سبحانه على بطلان دعوتهم غيره بأمور: (منها) أنهم: {لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} 3 فالمخلوق لا يصلح أن يقصد بشيء من خصائص الإلهية، لا دعاء ولا غيره و "الدعاء مخ العبادة" 4 (الثاني) : كون الذين يدعونهم من دون الله أمواتا غير أحياء والميت لا يقدر على شيء فلا يسمع الداعي ولا يستجيب له، ففيها معنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} 5، وفي هذه الآية أربعة أمور تبطل دعوة غير الله، وتبين ضلالة من دعا غير الله، فتدبرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015