لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} 1، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} 2،فسماه الله تعالى في هاتين الآيتين وغيرهما من آي القرآن دينا ولم يسمه مذهبا.
[معنى المذهب وسبب المذاهب وأئمتها]
وأما ما جرى على ألسن العلماء من قولهم: مذهب فلان أو ذهب إليه فلان، فإنما يقع في الأحكام لاختلافهم فيها بحسب بلوغ الأدلة وفهمها، وهذا لا يختص بالأئمة الأربعة -رحمهم الله- بل مذاهب العلماء قبلهم وبعدهم في الأحكام كثيرة فقد جرى الخلاف بين الصحابة -رضي الله عنهم-، وللصدِّيق رضي الله عنه مذهب تفرد به، ولابن مسعود كذلك، وكذا ابن عباس وغيرهم من الصحابة، وكذا الفقهاء السبعة من التابعين خالف بعضهم بعضا في مسائل، وغيرهم من التابعين كذلك، وبعدهم أئمة الأمصار كالأوزاعي إمام أهل الشام، والليث بن سعد إمام أهل مصر، وسفيان بن عيينة (سفيان) والثوري إمام أهل العراق. فلكل مذهب معروف في الكتب المصنفة في اختلاف العلماء، ومثلهم الأئمة الأربعة، وجاء بعدهم أئمة مجتهدون خالفوا الأئمة الأربعة في مسائل معروفة عند العلماء كأهل الظاهر؛ ولذلك تجد من صنف في مسائل الخلاف إذا عنى الأربعة قال: اتفقوا، وفي مسائل الإجماع التي أجمع عليها العلماء سلفا وخلفا يقول: أجمعوا. وذكر المذاهب لا يختص بأهل السنة من الصحابة فمن بعدهم، فإن بعض أهل البدع صنفوا لهم مذهبا في الأحكام يذكرونه عند أئمتهم، كالزيدية لهم كتب معروفة يفتي بها أهل اليمن، والإمامية الرافضة لهم مذهب مدون خالفوا في كثير منه أهل السنة والجماعة. والمقصود أن قول هذا الجاهل مذهب خامس، قول فاسد لا معنى له كحال أمثاله من