وله -رحمه الله تعالى- رسالة إلى عثمان بن منصور قبل أن يتبين من أمره ما تبين، وقبل أن يتضح أمره وتظهر مصنفاته ورسائله، لكنه قد يظهر من حاله، وبعض مقاله، ويلوح من صفحات وجهه وفلتات لسانه ما يغمص به، وتنسب إليه هفوات، وشيء من الكوارث القوادح والمعضلات، وكان مع ذلك يظهر الموافقة، وهو يبطن -والعياذ بالله- المخالفة والمشاقة، حتى وضح أمره واشتهر، فلم يخف ذلك على من له بصر، وله معرفة ونظر، والله أعلم بما آل إليه أمره، وختم له به، ونعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه. وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن إلى الأخ الشيخ عثمان بن منصور، أنقذه الله من طوارق الفتن والشرور، ورفع نعته عن سفاسف الأمور. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على ما ألبسنا من ملابس فضله، التي لا تخلعها الأنداد، وأستزيده من خزائن بره، التي ليس لها انقضاء ولا نفاد. أما بعد: فقد وصل إلينا منك خطابان: (فأولهما) صادف حين الاشتغال بلقاء الأحبة والآل، (وأما الثاني) فبعد أن ألقيت عصا الترحال، وارتاح من ألم شوقه القلب والبال، فبمجرد الوقوف على خطك ومطالعة نقشك ووشيك، بحثت عن الوجه الذي تدلي به علينا، وعن حقيقة المعنى الذي تشير به إلينا، وما هو اللائق في إجابة أمثالك، وهل يحسن بنا النسج على منوالك، أو نقتصر على موجب: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} 1 إذ ليس وراءها مزية