الجنة والنار؛ فالجنة دار أهلها الذين أخلصوها لله وحده، وأخلصهم لها، والنار دار من أشرك فيها مع الله غيره، وسوى بينه وبين الله فيها؛ فالقيام بها واجب علما وعملا وحالا، وتصحيحها هو تصحيح شهادة أن لا إله إلا الله. فحقيق لمن نصح نفسه، وأحب سعادتها ونجاتها، أن يتفطن لهذه المسألة، وتكون أهم الأشياء عنده، وأجل علومه وأعماله؛ فإن الشأن كله فيها والمدار عليها، والسؤال عنها يوم القيامة، كما قال -تعالى-: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1، قال غير واحد من السلف عن قول لا إله إلا الله: وهذا حق؛ فإن السؤال كله عنها، وعن أحكامها وحقوقها، قال أبو العالية: كلمتان يسأل عنها الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ فالسؤال عما كانوا يعبدون سؤال عنها نفسها، والسؤال عماذا أجابوا المرسلين سؤال عن الطريق والوسيلة المؤدية هل سلكوها، وأجابوا الرسل لما دعوهم إليها؟ فعاد الأمر كله إليها. وأمر هذا شأنه حقيق بأن تثنى عليه الخناصر، ويعض عليه بالنواجذ، ويقبض فيه على الجمر، ولا يؤخذ بأطراف الأنامل، ولا يطلب فضلة، بل يجعل هو الطلب الأعظم، وما سواه إنما يطلب فضلة. والله المسؤول أن يمن علينا بتحقيق ذلك علما وعملا وحالا، ونعوذ بالله أن يكون حظنا من ذلك مجرد حكايته، وصلى الله على عبده ورسوله محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.