فيوصف -سبحانه- بما وصف به نفسه من الصفات، ونعوت الجلال، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز، ولا يوصف إلا بما ثبت في الكتاب والسنة. وجميع ما في الكتاب والسنة يجب الإيمان به من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، قال الله -تعالى-: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 1 فأسماؤه كلها حسنى لأنها تدل على الكمال المطلق، والجلال المطلق، والصفات الجميلة؛ فنثبت ما أثبته الرب لنفسه، وما أثبته رسوله، ولا نعطله، ولا نلحد فيه، ولا نشبه صفات الخالق بصفات المخلوق؛ فإن تعطيل الصفات عما دلت عليه كفر، والتشبيه فيها كذلك كفر. وقد قال مالك بن أنس -رحمه الله- لما سأله رجل فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى2} فاشتد ذلك على مالك حتى علته الرحضاء إجلالا منه، وهيبة له من الخوض في ذلك، ثم قال -رحمه الله-: "الاستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". يريد -رحمه الله- السؤال عن الكيفية، وهذا الحق يقال في جميع الصفات؛ لأنه يجمع الإثبات والتنْزيه.
[الإيمان بتوحيد الربوبية]
ويدخل في الإيمان بالله ومعرفته، الإيمان بربوبيته العامة الشاملة لجميع الخلق والتكوين، وقيوميته العامة الشاملة لجميع التدبير والتيسير والتمكين، فالمخلوقات بأسرها مفتقرة إليه في خلقها وإنشائها وإبداعها، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} 3.
[الإيمان بتوحيد الألوهية]
ويدخل في الإيمان إيمان العبد بتوحيد الإلهية الذي تتضمنه شهادة الإخلاص: لا إله إلا الله، فقد تضمنت نفي استحقاق العبادة