وله أيضا -قدس الله روحه، ونور ضريحه- رسالة إلى محمد بن عون، رجل من أهل عمان، قد ألقيت إليه شبهات وضلالات، من أضاليل الجهمية النفاة، فبعث بها إلى الشيخ الإمام، وقدوة العلماء الأعلام، الشيخ: عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن. فأجاب عليها بأدل دليل وأوضح برهان. وقد سأل هذا الجهمي عن هذه الأسئلة، فمنها قوله: هل لكلمة التوحيد -وهي لا إله إلا الله- شروط وأركان وآداب؟ فإن قلت: نعم، فما هي؟. ومنها قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 1 ما معناه: استواؤه مختص بالعرش أو به وبغيره، لأنه -تعالى- ما نفى استواءه من غيره، فإذا زعمت أن استواءه مختص بالعرش، فمن أي شيء علم ذلك؟ وهل أتى -سبحانه- بحروف الحصر، وحروف الاختصاص؟ وهل تعرف حروف الاختصاص، وحروف الحصر أم لا؟ وما هي؟ فإذا قلت -مثلا-: زيد استوى على الدار. فهل علم منه أنه لا يستوي على غيره؟ والعاقل يعلم ذلك بأدنى تأمل. ومنها قوله: وإذا أقررت بأن لله مكانا معينا، فما معنى قوله -تعالى-: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 2، وقال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} 3، وقال: {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} 4، وقال صلى الله عليه وسلم" حيث ما كنتم فإنه معكم ". فإذا قلت: هذه الآيات مؤولة، وأقررت بالتأويل، فالآية الأولى أولى به لأنها بلا تأويل تخالف الإجماع، وتعارض الآيات والأحاديث. أما الآيات الأخيرة، فقد قيل في الآية الأولى: إنها ليست من المتشابهات لأن الاستواء معلوم، والكيف مجهول، وما نفي الاستواء عن غير العرش، هذا كلامه بحروفه، نقله الشيخ على ما فيه من التحريف واللحن، ليعتبر الناظر، ويعرف المؤمن المثبت حال هؤلاء الجهال الضلال الحيارى. وقد أجاب عليها -رحمه الله- إفادة لمحمد بن عون إذ كان من أهل التوحيد والإثبات، وممن جاهد الجهمية في تلك الجهات، وإلا فليس هذا الجهمي الكافر كفؤا للجواب لأنه من العجم الطغام، بل هو أضل من سائمة الأنعام، إذ لا فكرة ثاقبة، ولا روية كاسبة، ولا طريقة صائبة، يتشبع بما لم يعط من العلم، ويتزيى بزي أهل الذكاء والفهم، وليس له في ذلك ملكة