بداخل في أصل الخطاب، بل هو ساقط من أول رتب الأعداد، كما لا يخفى إلا على من طبع الله على قلبه. (الثاني) : أنه ذكر العلة والمقتضي بقوله: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} 1 وتعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعلة؛ وأحق الناس بهذا الوصف وأولاهم به من دعا إلى توحيد الله، وخلع ما سواه، من الأنداد والآلهة، وقرر أن دعاء عبد القادر وأمثاله هو الشرك الأكبر، الذي يحول بين العبد وبين الإسلام والإيمان، وأن أهله ممن عدل بالله، وسوّى برب العالمين سواه، بل قد وصلوا في عبادتهم للمشايخ والأولياء إلى غاية ما وصل إليها مشركو العرب، كما يعرف ذلك من عرف الإسلام، وما كانت عليه الجاهلية قبل ظهوره. فمقت هؤلاء المشركين وعيبهم وذمهم وتكفيرهم والبراءة منهم هو حقيقة الدين، والوسيلة العظمى إلى رب العالمين؛ ولا طيب لحياة مسلم وعيشه إلا بجهاد هؤلاء ومراغمتهم وتكفيرهم، والتقرب إلى الله بذلك واحتسابه لديه: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} 2.فهذا المقام الشريف، والوصف المنيف، هو الذي أنكرتموه، واستحللتم به أعراض المسلمين، ورميتموهم لأجله بالعظائم، وإلى الله نمضي جميعا وعنده تنكشف السرائر، وتبدو مخبآت الضمائر، ويعلم من عادى حزبه وأولياءه، ووالى حربه وأعداءه، ماذا جنى على نفسه، وأي الفريقين أولى به، وأي الدارين أليق به، فالمرء مع من أحب ونصر ووالى شاء أم أبى. وهل حدث الشرك في الأرض إلا برأي أمثال هؤلاء المخالفين الذين يظهرون للناس في زي العلماء، وملابس الصلحاء؟ وهم من أبعد خلق الله عما جاءت به الرسل من توحيده ومعرفته، والدعاء إلى سبيله؛ بل هم