والإسلام. وفي ورقة المشبه المبطل أنكم كفّرتم خير أمة أخرجت للناس، وقصده هؤلاء المشركون، وزعم أنهم هم الأمة الوسط، وأنهم صفوف أهل الجنة، وأنهم عتقاء الله في شهر الصيام، وأن من كفّرهم فقد كفّر أمة محمد لأنهم يتكلمون بالشهادتين. وهذا الكلام من أوضح الأدلة وأبينها على ضلال مبديه، وسفاهة ملقيه، وأنه أضل من الأنعام، ويكفي في رده مجرد حكايته، فإن الفطر السليمة تقضي برده وبطلانه، والأدلة من الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن قائله عدو النصوص، والفطرة والعقل والنظر، ولا يبعد أنه تلقاه من مثلك، ووصل إليه من أبناء جنسك. وما أظن اجتماعك بهذا الضرب من الناس إلا على هذا، وجنسه من الشبهات والجهالات التي حاصلها القدح في أصول الإيمان، وعيب أهله وذمهم، و: {لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} 1.
[إطلاق لفظ الأمة والخطاب المخصوص في قوله: " كنتم خير أمة"]
وهذه الشبه يعرف فسادها كل من كانت له ممارسة في العلم -وإن قلّت- فإن لفظ الأمة -مفردا ومضافا- يقع على المستجيب المهتدي، ويقع –أيضا- على المكذب المعاند، فالأول كقوله -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 2، وقوله: {أُمَّةً وَسَطاً} 3، وقوله: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} 4، وفي الحديث: "أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله" 5، وفيه: " إن أهل الجنة مائة وعشرون صفا، هذه الأمة منها ثمانون" 6.فهذا ونحوه يطلق ويراد به المؤمنون والمسلمون. وقد يطلق هذا اللفظ ويتناول المكذبين والضالين، كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} 7، فأطلق الأمة على الفريقين، وتناول لفظها